في أحد فنادق مدينة منعزلة ، و في اليوم الأول من شهر مارس جاء زبون إلى صاحب الفندق ، و سأله : هل الغرفة رقم 39 فارغة ؟
أجاب صاحب الفندق : نعم ، إنها فارغة! فسأل : هل يمكن أن أحجزها فقط ليلة واحدة ؟
أجابه : نعم ، و بالفعل حجز الغرفة ، و صعد إليها ، و لكن قبل أن يصعد طلب من صاحب الفندق سكينةً سوداء و خيط حرير أبيض طولة 39 ، و برتقالة واحدة وزنها 72 جراماً .
تعجب صاحب الفندق من الطلبات الغريبة ، لكنه أحضرها له ، و صعد إلى الغرفة ، و لم يطلب أكلاً أو شراباً أو أي شيء آخر !
و لسوء الحظ أن غرفة صاحب الفندق مجاورة للغرفة 39 و بعد منتصف الليل سمع صاحب الفندق أصواتًا غريبة جدّاً جدّاً داخل الغرفة ، كأنها أصوات حيوانات مفترسة ، و سمع أصوات تكسير و ضرب ، و شعر كأن الغرفة أصبحت كومة من الرماد ، فبات الليل يفكر ماذا يحدث داخل الغرفة 39؟
و في الصباح قبل أن يغادر الزبون طلب صاحب الفندق أن يعاين الغرفة ، و بالفعل صعد إلى الغرفة ، لكن وجد كل شيء كما هو ، و خيط الحرير في مكانه ، و البرتقالة كما هي ، و السكينة في مكانها ، و دفع الزبون حساب الليلة بأجر مضاعف ، و أعطى بقشيشناً أكثر من حساب الغرفة .
و مضة عام ، و كان صاحب الفندق قد نسي الموضوع برمّته ، و في يوم واحد مارس من العام المقبل فوجئ صاحب الفندق بالرجل نفسه ، و عندما رآه تذكر ما حدث في العام الماضي ، و طلب الزبون الغرفة رقم 39 و طلب سكينة سوداء و خيط حرير طولة 39 سم ، و برتقالة وزنها 72جراماً .
فقرر صاحب الفندق أن يراقب ؛ ليعرف ماذا يحدث ، و بالفعل ظلّ طوال الليل ساهراً يترقب ، و بعد منتصف الليل بدأت الأصوات ذاتها التي سمعها العام الفائت ، و سمع التكسير نفسه ، لكن هذه المرة كانت الأصوات أشد ، كانت أصواتاً مبهمة غير مفهومة ، و ف الصباح رحل الزبون ، و دفع الحساب مضاعفَاً ، و بقي صاحب الفندق يتساءل عن هذه الأصوات ، و عن اختيار الغرفة 39، و عن وزن البرتقالة ، و عن طول خيط الحرير ، و عن السكينة ؟
و ظلّ طوال العام يترقب أول يوم من شهر مارس ، و بالفعل في صباح أول أيام شهر مارس من العام الثالث حضر الزبون نفسه ، و طلب الأشياء نفسها ، و الغرفة نفسها ، و بقي صاحب الفندق ساهرًا ، و سمع الأصوات نفسها ، لكن كانت هذه المرة أقوى بكثير من العام الماضي .
و في الصباح ، و قبل أن يرحل الزبون ، و عندما جاء ليدفع الحساب ، قال له صاحب الفندق : أريد أن أعرف السر ، قال : إذا قلت لك السر تعدني ألا تخبر أي شخص على الاطلاق ، قال صاحب الفندق : أعدك ألا أخبر أحدًا مهما كان ، قال : تقسم على ذلك ، قال : أقسم على ذلك ، و بالفعل صاحب الفندق لم يخبر أحدًا بالشر ، حتى الآن .
الحكمــــة :
إذا المرءُ أفشـــى ســرّه بلسانـِـه .. ولام عليـه غيرَه فهو أحمقُ
إذا ضاقَ صدرُ المرءِ عن سرّ نفسِـه .. فصدرُ الذي مُستودَع السّر أَضيَقٌ