يحكى أن تاجرًا اعترضه قطاع الطرق ، فأخذوا ماله ، فلجأ إلى الخليفة المأمون ؛ ليشكو إليه و أقام ببابِه سنةً ، فلم يؤذَن له ، فلجأ إلى حيلة وصل بها إليه ، و هي أنه حضر يوم الجمعة ، و نادَى : يا أهل بغداد ، اشهدوا علي بما أقول ، فإن لي ما ليس لله ، و عندي ما ليس عند الله ، و معي ما لم يخلقه الله ، و أحب الفتنة ، و اكره الحق ، و أشهد بما لم أرَ ، و أصلي بغير وضوء ، فلما سمعه الناس حملوه إلى الخليفة المأمون ، فقال له : أصحيح ما بلغني عنك ؟
فقال : صحيح .
قال : فما حملك على هذا ؟
قال : قُطع عليّ ، و أخذ مالي ، و لي ببابك سنة لو يؤذن لي ، فقلت ما سمعت ؛ لأراك ، و أبلغك ؛ لتردّ عليّ مالي .
قال : لكَ ذلك إن فسّرت ما قلت َ .
قال : نعم أما قولي : إن لي ما ليس لله ، فلي زوجة ووَلَد ، و ليس ذلك لله ، و قولي : عندي ما ليس عند الله ، فعندي الكذب و الخديعة ، و الله بريء من ذلك . و قولي : معي ما لم يخلقه الله ، فأنا أحفظ القرآن ، و هو غير مخلوق . وقولي : أحب الفتنة ، فإني أحب المال و الولد ؛ و قولي : أكره الحق ، فأنا أكره الموت ، و هو حق ، و قولي : أشهد بما لم أَرَ ، فأنا أشهد أن محمداً رسول الله ، و لم أرَه . و قولي : أصلي بغير وضوء ، فإني أصلي على النبي صلى الله عليه و سلم بغير وضوء . فاستحسن المأمون ذلك ، و عوّضه عن ماله .
عبره :
غيّر طريقة تعاطيك مع الأحداث من حولك إذا لم تكن الأمور تجري كما تريد .